"بنغلادش تقرأ"... رفع مستوى القرائية يبدأ بتطوير المعلمين

"بنغلادش تقرأ"... رفع مستوى القرائية يبدأ بتطوير المعلمين

منى يونس 



لا ينكر أحد المجهودات التي تقوم بها حكومة بنغلادش من أجل زيادة نسبة الالتحاق المدرسي  ولاسيما في المرحلة الابتدائية، إلا أن مشكلة جودة التعليم تظل تؤرق المربين. وتظهر مشكلة الجودة بصورة جلية في افتقار خريجي المرحلة الابتدائية لمهارات القراءة المناسبة للمرحلة السنية التي وصلوا إليها، لذا جاءت مبادرة هيئة "إنقاذ الطفولة" المعروفة بـ "بنغلادش تقرأ" من أجل إيجاد حل لتلك المعضلة. بدأت المبادرة في العام 2013 حينما مولت المعونة الأميركية المشروع بهدف دعم الأطفال والمعلمين  أثناءعملية تعليم وتعلم القراءة الواعية من خلال نشر ثقافة القراءة التي تتعدى حدود جدران الصف المدرسي. 


وفي حوارها مع "العربي الجديد" أشارت مستشارة هيئة إنقاذ الطفولة شيرين لطفعلى أن الهيئة تدرك أن القراءة تعتبر المدخل الأساسي لعملية تعليمية ذات جودة ولأن رفع مستوى القراءة يسهم في رفع مستوى التحصيل التعليمي بصورة عامة. وبالتالي هدف المشروع إلى:

1- تحسين عملية تدريس وتعليم القراءة في الصفوف الأولى.
2- العمل على زيادة استخدام الاختبارات ومقاييس التحصيل لدعم المعلمين.
3- التوسع في توفير ومن ثم استخدام المواد الإثرائية التكميلية.
4- زيادة الدعم المجتمعي لمحو الأمية في الصفوف الأولى. 

مراحل المشروع
وقد أعربت لطفعلى عن إدراك الهيئة لأهمية إشراك وزارة التربية والتعليم في كافة مراحل المشروع ومن أجل ذلك كان هناك مشاركة وتعاون مشترك منذ اليوم الأول، ففي أثناء مرحلة إعداد المواد التعليمية كان من المهم التأكد من أن تلك المواد تتوافق وكافة المعايير التربوية والتعليمية للمنهج الحكومي، ثم جاءت مرحلة إعداد المواد التدريبية للمعلمين والتي تمت بالتعاون مع كليات المعلمين لضمان أن تأتي المواد المصممة متكاملة مع تلك الموجودة والمعمول بها في عملية تأهيل المعلمين.

فالهدف النهائي هو أن يتم تسليم المواد التدريبية الخاصة بتأهيل معلمي القرائية لدمجها في البرامج والمناهج التدريبية التي تقدم للمعلمين، إلا أن المشروع امتد ايضاً ليشمل تأهيل وتطوير مهارات الجمعيات غير الحكومية الأهلية العاملة في المجال وكذلك أمناء المكتبات في المدارس الحكومية. وقد أثبت المشروع أن العمل من خلال المجتمع المدني المحلي أمر يضمن الاستدامة لأنه نموذج قليل التكلفة ويعمل على بناء الكفاءات المحلية الموجودة في المجتمع، وبالتالي تمت إدارة الموارد المالية والمنح لتكريس كافة النشاطات التي تؤدي إلى ذلك.

وجد فريق العمل منذ بدايات المشروع أن عملية الاختبارات المستمرة لرفع تقارير حول مستوى القراءة في الصفوف الأولى عملية شاقة ومضنية وخاصة أنها تتم بصورة تقليدية حيث يتم اختبار كل طالب على حدة في كل الصفوف حتى تلك التي تكتظ بما يقارب الـ 80 طالبا.

الأمر كان مضنياً ويحتاج لوقت كبير إذا ما حسبنا دورة الاختبار من تطبيقه في الصف إلى عملية تحليل مستوى الطالب ثم رفع التقارير، ومن ثم إعداد المناهج والمواد المناسبة للطالب فبدلاً من دعم الطلاب أصحاب صعوبات القراءة يكونون بذلك قد تضرروا من بطء المشروع، وبالتالي تم في أول الأمر تصميم الحاسب اللوحي للاستفادة منه في جمع البيانات الخاصة بالاختبارات المستمرة، إلا أن التغذية الراجعة أثبتت أن وصول الحواسيب للمعلمين استنفد وقتاً كبيراً ولم يكن بالأمر السهل، وسرعان ما أتخذ قرار بإعداد تطبيق على المحمول للمعلمين وهو الأمر الذي تم اختباره على 58 مدرسة في ثلاث مقاطعات. كما تم الاكتفاء باختيار الطلبة ذوي القدرة التعلمية الضعيفة (ثلث الصف الأقل مستوىً) في القراءة وليس كافة الطلبة في كل الصفوف كما كان معمولاً به من قبل.

ساعد التطبيق معلمي الصفوف على القيام بعملية الاختبارات فيما لا يزيد عن 10 دقائق لكل طفل وتتم نقل البيانات بصورة آنية، كما يمكن لمديري المدارس مراقبة البيانات التي يتم إدخالها وملاحظة المعلمين والتغير في أداءاتهم، كما يستطيع المنسقون والموجهون مناقشة النتائج في لجنة إدارة المدرسة، ومن ناحية أخرى يتم إطلاع الآباء على النتائج خلال المنتدى الشهري لأولياء الأمور.

نظاق المشروع
تم تطبيق المشروع على ما يقرب من 5000 مدرسة حكومية موزعة على كافة أنحاء الدولة وبالتالي يمتد المشروع ليغطي 21 محافظة في 6 من مقاطعات الدولة الثماني. يتم اختيار المدارس بصورة مشتركة بين الهيئة ووزارة التربية والتعليم، إلا أن هناك خطوة أساسية تتم قبل عملية الاختيار ألا وهي اختبار القرائية الأساسي والذي يتم على عينة من مجموع الطلبة وهذه الاختبارات يلحقها فيما بعد اختبار نصفي (في منتصف مرحلة التطبيق) واختبار بعدي (بعد الانتهاء من التطبيق). ولم تكن هذه هي الدراسات الوحيدة التي شملها المشروع لأن المشروع تضمن في مراحله الأولى دراسة للجدوى المالية بالإضافة إلى دراسات حول حافزية المعلمين وجاهزيتهم. 

أشارت شيرين لطفعلى أن من أكبر التحديات التي واجهتهم هي سرعة وتكرار عملية دوران المعلمين أي تغيير المعلمين من خلال نقلهم لمدارس أخرى واستبدالهم بمعلمين أقل تدريباً أو لم يتم تدريبهم من قبل على مستوى الهيئة التدريسية المحلية وعلى مستوى الإدارات التعليمية، ففي كل مرة يضطر القائمون على المشروع للقيام بشرح أهدافه ومراحله بل وتبرير أهميته وجدواه للجهات الحكومية مرة تلو الأخرى.

خلال مراحل المشروع المختلفة والتي امتدت على مدار ثلاث سنوات كان هناك العديد من النجاحات وقد أمكن قياس تحسن القرائية بالنسبة للطلبة في الصفوف الأولى من خلال الدراسات التي تمت والتي أظهرت تقدماً ملحوظاً، وسيطلق التقرير النهائي للمشروع في عام 2018، ومن ناحية أخرى استفاد من العملية التدريبية 3500 معلم صف وهناك خطة لتدريب 4000 معلم خلال 2018 على كيفية القيام بعملية اختبارات القراءة المستمرة.

أما بالنسبة للتوسع في المشروع فهذا يرجع لرغبة وزارة التربية والتعليم من ناحية والممول الرئيسي للمشروع (المعونة الأميركية) من ناحية أخرى، وخاصة أن هيئة إنقاذ الطفولة كان لها باع طويل في تطبيق مشاريع لدعم القرائية ومحو الأمية في بلدان عدة مثل مصر ورواندا وباكستان وأُثيوبيا وغيرها كثير. هذا فيما يخص المجال التربوي أما المجالات الأخرى التي عملت فيها الهيئة فتمتد إلى الصحة وحماية الطفل والمساعدات الإغاثية في أكثر من مائة دولة.







Comments