Skip to main content

لغة الضاد.. وهن على وهن

لغة الضاد.. وهن على وهن

منى يونس



يريد الأهل أن يوفروا لأبنائهم المهارات والمعارف والإمكانات التي تؤهلهم لدخول سوق العمل بما يتيح لهم من مقومات الحياة
الكريمة.. هل نلومهم؟
يريد المعلمون أن يقوموا بتدريس مناهجهم وفق ما هو مرسوم لهم في الكتب المدرسية وتوجيهات الوزارة والإدارة التعليمية.. هل نلومهم؟

يريد الإعلام أن يقدم لمشاهديه كل ما هو جذاب، بما يحقق معدلات مشاهدة عالية وكافية للتعرض لجرعة لا بأس بها من الإعلانات التي تتخلل المادة التليفزيونية، بما يحقق للقناة الدخل المالي الذي يغطي تكاليف البث والتشغيل الفلكية.. هل نلومهم؟
أصحاب العمل يتعاملون أكثر فأكثر مع السوق الإقليمية والدولية بما يعني الحاجة لموظفين أكْفاء من الناحية المهنية والمهارية، ومن أهمها التحدث بأكثر من لغة، وعلى رأسها الإنجليزية ليسهل القيام بالعمل وإبرام الاتفاقيات وتنفيذ المشروعات.. هل نلوم أرباب العمل؟

يريد أبناؤنا التعايش مع أقرانهم في المدرسة والحي، بما يحقق لهم القبول والمكانة الاجتماعية، يريدون مسايرة العصر بما يحقق لهم إشباع نهم الفضول والرغبة في التعلم، وليس هناك أسرع وأكثر من الأجهزة والتقنيات الحديثة التي تربطهم في جزء من الثانية بمشارق العالم ومغاربه، فهل لو استخدموا لغة التواصل المتداولة على شبكات التواصل الاجتماعي يكون من المنطقي توبيخهم؟


عوامل تنفير وجذب
كل ما سبق يشير إلى عوامل الجذب لتعلم لغة ثانية، والتي بشكل تلقائي تأتي على حساب لغتنا العربية، وما يزيد من المشكلة والأزمة أننا نواجه في المقابل حزمة من العوامل التي تؤدي إلى النفور والابتعاد عن العربية، فبالرغم من أننا نسمع باستمرار عبارة "لابد من الحفاظ على لغة الضاد لأنها أولاً وأخيراً لغة القرآن ومحضن الهوية" إلا أن هناك عدداً غير بسيط من الأمور التي تجعل أبناءنا يشعرون بالنفور والكراهية من هذه اللغة، يأتي على رأسها:

- أسلوب التدريس العتيق والمنفر، القائم على الحفظ والتلقين، بينما يتم تعلم باقي المواد الدراسية بأساليب أكثر متعة وأكثر قرباً لاحتياجات ونفسية الطالب، وهذه الأساليب تتنوع بين التعلم التعاوني والتعلم التفاعلي القائم على اللعب المحفز للذكاءات المختلفة والمتمحور حول الطالب واحتياجاته اليومية، أما اللغة العربية فقد ظلت -رغم التطور- حبيسة امرؤ القيس وعنترة بن شداد، ظلت رغم اتساع الموارد والإمكانيات التقنية رهن السبورة الخضراء وأسلوب العرض الفردي (معلم يتحرك - يتكلم - يشرح - يفهم - يناقش... نفسه).

- زاد من نفور الطلاب ارتباط اللغة العربية بخطب الجمعة المليئة بالصراخ والقسوة في استخدام الألفاظ غير المفهومة وتناول موضوعات، ليس بينها وبين حياة المستمعين أي رابط. فكان من الطبيعي أن ترتسم في أذهان الجيل الجديد صورة منفرة وغير إيجابية لتلك اللغة البعيدة عن التطور ومواكبة عصر المعلومات.

- ولو دخلنا عالم الكتب والمجلات، لن نفاجأ مما سوف نراه، فجودة طباعة المطبوعات الموجهة للأطفال وصغار السن بالعربية لا تناسبهم ولن تجذبهم، بينما تجذبهم وتأسر قلوبهم الكتب والمجلات الأجنبية.

محاولات الأهل
يحاول الأهل في ظل تلك التحديات المتعددة الحفاظ على اللغة لأجل التمسك بالحد الأدنى من الانتماء والحفاظ على الهوية، ومن أجل هذا يحرصون على إدخال أبنائهم المدارس العربية، يدفعونهم إلى دروس التربية الدينية والمساجد، يحاولون إقناعهم بالاستماع للأدب والموسيقى العربية.. ولكن هل يجدي كل هذا؟
هناك العديد من المبادرات والمحاولات لإحياء اللغة العربية في الداخل العربي والخارج الأجنبي.. يحاول هذا الإصدار إلقاء الضوء على لمحة سريعة منها.


نشرت هذه المادة على صفحة تربية و تعليم بشبكة العربي الجديد بتاريخ 22 فبراير 2015               


Comments