Skip to main content

بالمشاركة ننهي مشكلة "التنبلة"

بالمشاركة ننهي مشكلة "التنبلة"

منى يونس




كثيراً ما نذكّر أبناءنا وخصوصاً خلال تلك الأيام التي يحلون فيها ضيوفاً على بيوتنا بسبب انتهاء الدوام المدرسي ودخول فصل
الصيف حيث يقل خروجهم اليومي وتقل حركتهم بعيداً عن الآي باد والحاسب الآلي، نذكرهم قائلين: "الوقت من ذهب.. هناك أمور مفيدة يمكن أن تقوم بها.. كفى كسلاً.. أصبحت تنبلاً..إلخ". ولكننا نصدم المرة تلو الأخرى من أن كل كلامنا يذهب أدراج الرياح، لا الابن قام من مقعده ولا الوقت تمت الاستفادة منه بصورة لائقة.. أين الخلل؟

بكل أمانة يكمن الخلل فينا نحن، فنحن نتخيل أن الكلام والنصح المنطلقين بكل حب واهتمام سوف يلامس شيئاً أبعد من طبلة الأذن، وهذا تفكير ساذج إلى حد ما، لماذا نتصور هذا؟

مشاركة الأبناء
فلنسأل أنفسنا هذا السؤال: "ما هو الشيء الجذاب البراق في كلامنا الذي يمكن أن يكون أكثر جاذبية من لوحة المفاتيح أو الشات مع الأصدقاء ومشاهدة آخر حلقة من المسلسل على اليوتيوب".. لا شيء.

حل هذه المشكلة يكمن في "المشاركة"، فلنجرب مثلاً أن يقوم الأب أو الأم بنفسيهما بالبدء في النشاط الذي يرغبون في أن يشترك فيه الأبناء، لو كان الرياضة فليقم أي منهما أو كلاهما بالذهاب إلى الجيم أو الفريق والمشاركة، وبصورة غير مباشرة يتم دعوة الابن أو الابنة للمشاركة في النشاط.

هم في النهاية يحتاجون تأكيداً أن هذا النشاط حقيقي..موجود..مسلٍّ ويستحق العناء، بدون هذه التأكيدات لن يكون هناك دافع حقيقي لترك الأريكة والتحرك إنشاً واحداً.

الحوافز المعنوية والأدبية مهمة وليس هناك حافز أكبر لدى أي من الأبناء من أن يستمتع بوقته، ولكنه لن يسمح بأن يسرق والداه هذه المتعة في حال شك بأن الوقت المشترك سوف يكون به شائبة من نصح ومحاضرات كلامية.

وبالتالي علينا نحن الآباء أن نتعلم كيف نكظم ألسنتنا ونحتفظ بها داخل الفك العلوي والسفلي أثناء مشاركة الأبناء أوقاتهم، علينا أن نتذكر أن النصح والإرشاد سوف يقتلان الفرصة السانحة لبناء الجسور، جسور الثقة والحوارات المفتوحة بين الطرفين.

فلنكن منصتين متأملين في محاولات دائمة لتفهم سنهم ورغباتهم دون كثير من الكلام، وإن أردنا الكلام وتوجيه النصح فليس هذا وقته حتى لا نفوت على أنفسنا الفرصة الذهبية في أن ينفتح لنا الأبناء بالحوار عما يدور في أذهانهم ومخيلاتهم، مهما كانت تافهة في نظرنا فهي محور حياتهم في هذه اللحظة التاريخية.

الوقت كالسيف
الأمر الثاني الجدير بالذكر هو أن كثيراً منا يتخيل أن الابن أو الابنة سوف يدرك ويفهم معنى أن "الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك" من تلقاء نفسه، الأمر ببساطة يحتاج لقدوة، هم بحاجة لأن يروا بأعينهم ويعايشوا بأنفسهم عملية "التخطيط".

هم يحتاجون أن يروا كيف يخطط الأب أو الأم لأوقاتهم، فما المانع أن يشترك الابن أو الابنة مع الأم كل صباح في التخطيط لليوم وليكن الامر مكتوباً في قائمة (أعمال لابد أن تنجز) ويتم الشطب على كل مهمة تتم بنجاح، على الابن أن يفهم أن اليوم، كل يوم، له مهام محددة ولإنجازها لابد من التخطيط.

لن يقوم بالتخطيط للإجازة الصيفية واستغلال وقته إن لم يعايش فكرة التخطيط والمثابرة على الإنجاز، ومن أبسط الطرق للتدريب على ذلك هو البدء بالتخطيط لليوم وللساعات الصباحية مثلاً. كما أن الأمر يحتاج للبدء من الصغر والمثابرة في التدريب يوماً بعد يوم، حتى يتحول الأمر إلى عادة.

قبل أن نطالبهم بأن يخططوا للإجازة الصيفية التي قوامها في كثير من الأحيان 90 يوماً علينا أن نساعدهم في تخطيط الـ90 دقيقة الأولى من صباحهم.




Comments