Skip to main content

اكسر قيدك... علم ابنك

اكسر قيدك... علم ابنك

منى يونس 



كم من الأمور والمعتقدات، كم من الأفكار والهواجس تكبلنا كآباء وأمهات وتمنعنا من أن نتخذ قرارات شجاعة وجسورة ترتبط
بصورة مباشرة بتربيتنا لأبنائنا، هل توقفنا يوما لنسأل أنفسنا ما الذي يمنعنا من اتخاذ هذه القرارات الجريئة؟
نقرأ عن الأفكار التربوية في الغرب، نعجب بها ثم ماذا؟... للأسف لا شيء، نسمع عن إنجازات في العملية التربوية والتعليمية في اليابان أو أوروبا ننبهر... ثم لا شيء، نشاهد على اليوتيوب طلبة مبدعين ومبتكرين يتكلمون كيف كانت تربيتهم مختلفة وغير تقليدية.. تنتابنا لحظات من الدهشة والرغبة في التقليد أو تجريب شيء من التربية مختلف ولكن.. لا شيء. 





لماذا لا نتحرك؟ لماذا لا نتفاعل بصورة إيجابية؟ لماذا نتوقف عند لحظات الإعجاب؟ ربما تكمن الإجابة في "الخوف"، الخوف من أن يقال عنا متهورين، الخوف من أن نتسبب في ضرر تصعب معالجته في نهاية المطاف، الخوف من المخاطرة بما لم يجربه الأقربون، الخوف من أن ننعت بمن يحول أبناءه لفئران تجارب، الخوف من أن يلومنا ابناؤنا حينما يكبرون، الخوف من الفشل.

الخوف يحيط بنا ويحوطنا من كل جانب ومع كل فكرة جديدة، يشل حركتنا وانطلاقنا كآباء وكأمهات من اتخاذ العديد من القرارات التي نؤمن داخلنا بصوابها.
كلها قيود كبلنا بها أنفسنا، فسرنا في الطريق الذي يراه الآخرون من حولنا الطريق الآمن، الأسلم، الأقل تكلفة لأنه ببساطة "ما عهدنا عليه آباءنا".

ولكن هل هذا التوجه بالضرورة الأسلم والأحسن لأبنائنا، المحصلة أننا أصبحنا نربيهم لزمن مضى بل أكل عليه الدهر وشرب. نربيهم كما تربينا نحن من ثلاثين عاماً وكما تربى آباؤنا منذ خمسين أو ستين عاماً مضت.
ألا نعي الاختلاف أم نتعمد أن نغمض أعيننا؟ نتخيل من فرط سذاجتنا أننا لو اشترينا "الآي باد" و"الأي فون" سوف نقفز بهم هذه الهوة الزمنية السحيقة، نتوهم أن البلاي ستيشن وعالم الإنترنت كفيلان بإخالهم عوالم الحداثة والعولمة والتطور واختراق الثورة المعلوماتية والنيل من فيضها.

ولكن الأمر ليس بهذه البساطة، ولكنه مرتبط بأمور أخرى كتنمية المهارات العقلية والقدرات والكفاءات الشخصية، القرن الواحد والعشرون له سماته الخاصة التي كان من المفترض أن نعيها ونستوعبها حتى نربي أجيالنا بناء على متطلباتها، في الدول المتقدمة هناك مئات الأبحاث والنقاشات على كافة الأصعدة بدءاً من الأسر والمدارس وصولاً إلى قادة الدول حول تلك المهارات والكفاءات المطلوبة والداعمة لجيل مبدع منتج ومبتكر، جيل لديه من الكفاءات ما يؤهله للتطور والبناء مع ما توصلت إليه الحضارة الإنسانية والوصول بالمعارف إلى ما هو أبعد من تخيلاتنا الآنية.

ساهمت الشركات والقطاع الخاص في تلك النقاشات والأبحاث، لمَ لا، وهم المستفيدون من قوى عاملة مبدعة ومبتكرة لديها من مهارات حل المشكلات ما سوف يؤهل الشركات الكبرى إلى الانطلاق إلى الأمام، ساهمت اتحادات المعلمين وشبكات التربويين بصورة كبيرة في صياغة تصورات لأساليب أكثر ابتكاراً ليس فقط لتحفيز مهارات التفكير العليا بل الأهم للوصول لمهارات الإبداع وإطلاق القدرات الذاتية للابتكار، ساهم الآباء في النقاشات وعرض الطلبة أنفسهم ما يرونه مناسباً حتى توصلت بعض الدول مثل ألمانيا إلى أن أنسب وسيلة لصياغة المناهج هي إشراك الطلبة في هذه المهمة لمعرفة اهتماماتهم وتفضيلاتهم.

أما نحن فيجب أن نتوقف عن الدوران في فلك "لا يصح، عيب، ماذا سوف يقول الناس عنا؟، ما هذا؟ لم نسمع بهذا الأمر من قبل، لم نتربى على هذا، كيف تجرؤ؟... إلخ.




Comments