Skip to main content

خطة إنقاذ لما تبقى من صيفك

خطة إنقاذ لما تبقى من صيفك

منى يونس



مر ما يزيد عن الشهر أو الشهرين من صيف هذا العام، وتنتابنا حسرة على ما فات من وقت دون أن يتم استثماره، فقد ضاعت
الأشهر والأسابيع بين التلفاز، الهاتف المحمول، التسكع مع الأقران في الشارع أو النادي، ندرك أن ما تبقى أقل مما فات ونريد أن نصارع الوقت للخروج بأي استفادة مع أبنائنا من الصيف، ولكن تغلبنا مشاعر الفشل وضياع الأفكار والهمة.
هي مشاعر مختلطة تنتاب أغلب الأهل مع مرور نصف الصيف ورؤيتهم أن ما تمنوه لم يتحقق. هنا تكمن المشكلة وأول الخيط "ما تمنوه هم… وليس الابن أو الابنة"، لا بد كي يتم استثمار الصيف بالصورة المنتجة التي يتمناها الأهل أن يكون الأمر نابعا من دافعية ذاتية لدى الأبناء، وإن لم تكن الدافعية موجودة أو فاترة، إذن فالمشكلة ليست فيهم ولكن فينا نحن، حيث أنه من المفترض لما لدينا من خبرة حياتية أن نساعدهم على اكتشاف أهدافهم، والبناء عليها بخطط محكمة وقابلة للتطبيق.
وحتى لا نضيع الوقت في البكاء على اللبن المسكوب دعونا نضع خطة "إنقاذ" لما تبقى من الصيف:

بناء الدافعية الذاتية:
لا تكن متهكما أو ساخراً أو جالدا للنفس وللغير أثناء الحديث عما مضى من وقت دونما استثمار في بناء مهارة أو زيادة معرفة، كن متفهما لرغبته بالاستمتاع والراحة بعد الامتحانات، ومن هنا انطلق أن المشكلة لدى أكثرية الأبناء أنهم يتخيلون أن الخطة لا بد أن تكون كئيبة وصعبة ومقاربة لجو المدرسة، وهذا غير صحيح بالمرة، فالصيف والإجازة هدفها الراحة
والاستمتاع ولكن لمَ لا نستمتع بما نحب أن نحققه في حياتنا؟ فالتدريب على رياضة مثلا يعرفنا على أصدقاء جدد، ويمكن أن نقضي معهم وقتا محببا للنفس أثناء الرياضة وبعدها تعلم الموسيقى مثال ثان، الموسيقى وتعلمها أمر في حد ذاته (وإن تطلب بعض المشقة ) ممتع.

وبالتالي لا داعي لأن "نبكي على اللبن المسكوب" فهو آفة مقيتة يتقنها الفاشلون، أما الناجحون هم أصحاب الهمة لا ينظرون للوراء أكثر إلا للتعلم من الأخطاء وكل بني آدم خطاء.

من أجل بناء الدافعية الذاتية لا بد أن يكتشفوا هم (وأنت معاونهم في الأمر ومرشدهم) ما هي الأمور التي تمتعهم وتسعدهم حتى لو كانت مشاهدة الأفلام أو سماع الأغاني. انطلق من هذا وأبدع في الأفكار معهم ، مثال: حسناً لم لا نبني لأنفسنا وغيرنا مكتبة مصنفة بالأفلام بحسب الممثلين والمخرجين؟ وهذا سوف يحقق التالي:
  • سوف تستمتع بما تقوم به من مشاهدة الأفلام.
  • سوف تتعرف على الممثلين وسيرهم ومسيرتهم.
  • سوف تتعلم الكثير عن عالم الأفلام - جوائزها - مراحل الإنتاج - فرق العمل.
  • سوف تتعلم بعض المهارات الخاصة ببناء قواعد البيانات.
  • سوف تتعاون مع غيرك في بناء هذه القاعدة ونشرها على الإنترنت مثلا.
  • سوف تدرك مع الوقت ما هي المهارات التي تنقصك كي تدخل مضمار النقاد الفنيين.
هذه الخطوة هامة جداً وتحتاج منا كأهل أكثر منهم التدرب على الخيال ونسج الأفكار في خيوط مترابطة بصورة مبدعة تخرج بمنتج قابل للتحقيق، كن متفهما وواقعياً، متفهما لشغفه لأمور قد تكون بعيدة كل البعد عن مجالات اهتمامك ورغباتك أنت، وواقعياً في اقتراح الوسائل والخطة الزمنية المقترحة فلا يؤثر عليك بأحلامه العريضة وينسيك أن هناك وقتا
محدودا.

اقتراض الزمن
هذه فرصة ذهبية أن يتعلم الابن أو الابنة أن لكل إنسان أخطاءه، ولكن عليه أن يدرك أنه لا بد أن يدفع ثمن الأخطاء، ولو كان الخطأ الذي حدث هو ضياع الوقت فعليه الاستعاضة واقتراض وقت، وهذا يعني أن نتكلم عن أن ما يخطط له الآخرون لثلاثة أشهر خلال الصيف سوف نخطط له نحن على فترة زمنية أطول سوف تمتد لأشهر الدراسة، بمعنى أننا سوف نستمر في خططنا حتى مع دخول الدراسة؛ وذلك لاستعاضة ما فات، ولكن بدون أن تكون خطة الدراسة مماثلة في الوقت أو المجهود لخطة الدراسة، فلو كنا نخطط أن نتدرب على السباحة مثلا ثلاث مرات في الأسبوع أثناء الإجارة سوف تتقلص هذه المرات لمرة واحدة على مدار أشهر أكثر أثناء الدراسة؛ وهذا يعني أن الخطة سوف يتم مطها لفترة زمنية أطول كي لا نخل بالواقعية وقابلية التطبيق.

ومن هنا يمكن أن نساعد الأبناء على اجتياز مشاعر الفشل والحسرة على ما فات، ونجعلهم يفرحون ويستمتعون بالأيام الباقية من الصيف، وعلمهم أن البكاء على اللبن المسكوب هي عادة الفاشلين، أما الناجحون أصحاب الهمم ينظرون للأمام ويخططون لما تبقى من أيام وحتى لساعات.


نشرت هذه المادة على صفحة تربية و تعليم بشبكة العربي الجديد بتاريخ 20  أغسطس 2016                 

Comments