مبادرة هندية تساعد المعلم على الإبداع



منى يونس




"لو قمنا بتعليم أبنائنا اليوم مثلما كنا نقوم بالأمس فنحن لا محالة نسلبهم مستقبلهم"، بالرغم من أن هذه المقولة للفيلسوف الأميركي جون ديوي قيلت في عام 1935، إلا أن مغزاها مازال قائما في القرن الواحد والعشرين. وهكذا بدأ شيفانندا سالجيم، أحد مؤسسي مبادرة Guru-G    
 حديثه إلى "العربي الجديد". وGuru-G عبارة عن
 حاسب لوحي مساعد للمعلم داخل الصف، يساعده في تحسين وتطوير أدائه من خلال توفير العديد من الأدوات المصممة حسب احتياجاته، وذلك انطلاقاً من إيمان المؤسسة، صاحبة براءة الاختراع Guru-G Learning Labs بأن "ما يتم تدريسه داخل الصف أمر مهم، ولكن الأهم منه الكيفية التي تتم بها عملية التدريس" وأن "أي تأثير إيجابي من خلال العملية التعليمية لن يتأتى إلا في حالة تمكين المعلمين من المهارات والكفاءات المطلوبة للقيام بالأدوار المنوطة بهم"



المعلم محوراً
أما عن أسباب التفكير في تطبيق يتوجه للمعلمين في الهند بصورة خاصة، قال شيفانندا لـ"العربي الجديد": "جاءت فكرة هذا المشروع من الخبرة الطويلة التي مر فريق العمل بها وقام خلالها بإدارة العديد من شركات تكنولوجيا التعليم، حيث لاحظ الفريق أثناء عمله في تلك الشركات أن المنتجات في الأسواق تضع جل اهتمامها وتركيزها على الطالب مغفلة احتياحات المعلم. وفي عام 2012، اجتمع فريق من الخبراء سويا ليطلقوا مبادرة تهدف إلى تحسين العملية التعليمية والنهوض بجودتها من خلال تمكين المعلمين وتحسين أدائهم داخل الصف من خلال ابتداع آليات داعمة ومساعدة والأهم من ذلك سهلة الاستخدام وقليلة التكلفة".
 المبدأ الأساسي لهذه المبادرة هو تصميم آليات وتقنيات داعمة تكون سهلة الاستخدام من قبل المعلمين في أي وقت وفي أي مكان، بل وحتى بأي لغة، ومن أجل هذا قام فريق العمل باختيار بيئة "صعبة" من ناحية ضعف مستوى التقنيات والبنية التحتية، بل وحتى من ناحية الموقع الجغرافي، فتم اختيار 50 مدرسة في المناطق النائية من "بنديبور" و"مادهومالاي" في أقصى جنوب الهند لتطبيق المشروع.

بعد ذلك، تم اختبار المبادرة في سبع ولايات أخرى كلها في الهند خلال عامين، وكانت جل تجاربنا في المناطق المحيطة بالغابات النائية في شبة الجزيرة الهندية وتم التوسع بعدها لندخل على تقنية خمس لغات هندية أخرى، واستطعنا بذلك تغطية 300 مدرسة نائية في أقصى أطراف البلاد.



خصائص الحل التقني التعليمي لجهاز Guru-G
- التقنية تسمح بتصميم المنهج والمحتوى بحسب الاحتياج، ويتم إعداده في "حزم أو وحدات"، بحيث يمكن الاستفادة من المادة التعليمية بأكثر من صورة وفي أكثر من نطاق من خلال عملية تطويع تلك المواد (سواء كان ذلك من خلال الترجمة أو التعديل لتتوافق مع البيئة المحلية والإطار الثقافي للمجتمع).

- يمكن استخدام المحتوى بصورة سهلة وميسرة من خلال الحاسب اللوحي أو حتى الهاتف المحمول.

- هناك عوامل وخصائص تجعل من عملية التطوير المهني والاطلاع والاستفادة من المادة التدريبية الخاصةبالمعلمين "مادة مرحة"، فقد أدخلت عليها بعض العناصر التشجيعية (أشبه بالتشجيع أثناء الألعاب الإلكترونية). وإذا استخدم المعلمون بعض الاستراتيجيات التعليمية الجيدة داخل الصف سوف تتم مكافأتهم من خلال نظام النقاط والمستويات، بل وبعض الشهادات التي تساعد على تحسين وتطوير سيرتهم الذاتية.

- الحاسب اللوحي يساعد على جمع البيانات التحليلية لما يتم تدريسه داخل الصف، ولكن الأهم هي الطريقة والاستراتيجيات المتبعة في توصيل المعلومات.


طريقةالعمل
قال شيفانندا: "نصل إلى المدارس من خلال التعاون والتشارك مع المجتمع المدني والجمعيات غير الحكومية العاملة في المناطق التي نستهدفها، ففي بداية المشروع قمنا بالشراكة مع جميعة "Aide-et-Action" التي اقتنعت بالتكنولوجيا لدعم المعلمين، حتى هؤلاء الذين ينقصهم التدريب والتأهيل الجيدين".

وتعتبر مشاركة المجتمع المدني جزءا أصيلا في فلسفة المبادرة، فقد ساهم المعلمون في تلك المدارس النائية في مراحل المشروع من بداية تصميم المنتج إلى مرحلة التطبيق العملي على أرض الواقع، وقد شارك في هذه المراحل 350 معلما خلال ستة أشهر في عملية من التجريب والتغذية الراجعة وإبداء الرأي حتى وصلنا في نهاية المطاف إلى المنتج النهائي المتوافق مع ما وعدنا به: تقنية سهلة الاستخدام لأي معلم، حتى لو لم يتم تدريبه على الاستخدام.
ولأن الفريق لا يعنيه الربح كثيرا، فقد كان مرناً في تمويل المشروع بما تيسر وبالوسائل المتاحة، ولم ينتهج منهجاً واحداً في هذا الأمر، ففي بعض الحالات كانت الجمعيات هي الممول الرئيسي، وفي بعضها الآخر كانت المدراس داعمة للتمويل وكذلك القطاع الخاص.

التحديات
يقول شيفانندا إن "التحدي الأكبر بالنسبة للمشروع تمثل في الاحتياج الكبير والمتزايد للوصول لشرائح أوسع من المعلمين، وهو أمر يفوق طاقتنا، وخصوصاً أن المنظومة التعليمية في الهند تعاني الكثير من المشكلات المتراكمة والمركبة".

ويضيف: "هناك دوماً وسائل للتعاون والشراكة مع المجتمع المدني التواق لحلول مبتكرة تساعد المعلمين في القيام بمهمتهم الشاقة بتكاليف بسيطة تتناسب وإمكانات المجتمع".

أما التحدي الثاني فيتمثل في إقناع الجمهور المستهدف بأهمية الحل المبتكر. ويقول شيفانندا: "طرحنا أول تطبيق على المحمول موجه للمعلمين باللغة الهندية، وواجهتنا صعوبات في إقناع المجتمع بهذه التقنية الحديثة. أما الآن، ومع استخدام أكثر من خمسة آلاف معلم للتطبيق، يمكننا القول وبمنتهى الثقة إننا وصلنا إلى مرحلة تقبل المجتمع، ولا سيما مجتمع المعلمين، للتطبيق".




Comments