Skip to main content

5 فتيات ونظرة متفائلة للمستقبل

5 فتيات ونظرة متفائلة للمستقبل

منى يونس


    مصر – الأردن – فلسطين – قطر – لبنان – هي البلدان الأصلية لخمس فتيات أنهين للتو مرحلة الثانوية العامة في إحدى المدارس
    الخليجية بعيداً عن أرض الوطن، جلسن بعد يوم من الصيام الشاق يحتفلن بنجاحهن مغمورات بنشوة انتهاء المرحلة الأصعب في حياتهن، واستقبال مرحلة الجامعة.

    الكابوس
    المدرسة بالنسبة لأغلبهن كانت كابوساً مقيتاً عانين منه لمرحلة طويلة من الحياة. وبحسب حبيبة المصرية فهي سوف تضغط على زر الحذف delete كي تنسى وللأبد هذه المرحلة بما تحتويه من ذكريات ولحظات، وعن أسباب ذلك تقول: "يكفي كابوس الإفاقة من النوم الهانئ لارتداء زي رمادي يفتقر لكل لمحة أو إشراقة جمالية، لأركب باصاً تفوح منه الرائحة النتنة ذاتها كل يوم، لتتم دحرجتي في طابور تقوده معلمات عابسات بائسات كئيبات مكئبات، لا تعرف الابتسامة لوجوههن سبيلاً، ليقمن بتفتيش المتعلقات بكل إهانة ولا تسمع منهن سوى صراخٍ عالٍ وكأننا مستعبدات لأهاليهن".

    تستطرد حبيبة قائلة: "عادي. أليست القاعدة الأزلية تقول (كل طالبة ثانوي مراهقة والمراهقة جرم قائم بذاته لا يغتفر). فنحن الجرم المتحرك الذي يستحق العقاب والعقوبة حتى يشتد عوده ويخرج للحياة وهاااا نحن نخرج من القمقم".

    تلتقط سلمى الأردنية الحديث من حبيبة وتبدي شيئاً من الاعتراض، فتقول: "لم تكن الأمور بهذا السوء. كانت هناك أيام بها ولو قليل من المرح، وبين كل عشر معلمات يتصفن بما قلت توجد على الأقل واحدة مختلفة أو اثنتان."

    أحلام وتخصصات
    كان من الواضح أن فكرة التعامل غير اللائق وغير التربوي مع هذه الفئة الشابة المقبلة على الحياة هي الأبرز بين ذكريات المرحلة الفائتة، ولكنها لم تكدر عليهن الفرحة بما هو آت، رغم أن ثلاثاً فقط من بين الفتيات الخمس حزمن أمرهن وقررن ما هي الجامعة والتخصص الذي سوف ينخرطن فيه، في حين ظلت الباقيتان (محلّك سر) في مرحلة التردد وعدم القدرة على الاختيار والمفاضلة، وإن تعددت الأسباب.

    بالنسبة لمن قررن التخصص، فهناك القطرية والملقبة بين قريناتها بالـ"العبقرية الفيزيائية" لما لها من موهبة كبيرة في المجال جعلها من بين أفضل الطالبات الحائزات أعلى الدرجات في مادة الفيزياء. وقد تقدمت لعدد من الجامعات في الولايات المتحدة وتم قبولها، وليست هناك مشكلة مادية لأن الدولة سوف تتكفل بالأمور المادية. ولكن بالرغم من كل ذلك سوف تبقى في قطر، ولن تسافر، لأنها تفضل البقاء بجوار أمها المريضة، حيث أنها الابنه الأكبر والمعول عليها في رعاية أمها التي تعاني من مرض عضال.

    أما سلمى الأردنية، فقد تم قبولها في تخصص الإعلام بإحدى الجامعات الأجنبية بعد رحلة مضنية من القيام بالمتطلبات الصعبة لتلك الجامعة، من امتحان تويفل وسات، ومن كتابة التقرير الشخصي، والمقابلة الشخصية مع لجنة قبول الطلبة. هي سعيدة لأنها الأولى التي سوف تكسر التقليد القديم لأسرتها بأن الأبناء لا بد وأن ينخرطوا في مهن الآباء التقليدية كالطب والهندسة، فلم يكن إقناع الأهل بأقل صعوبة عن رحلة التقدم بالامتحانات والأوراق للجامعة، فقد استلزم الحصول على رضاهم معدلاً عالياً من الدموع.

    نأتي للفلسطينية التي كانت قد حزمت أمرها من الأيام الأولى للسنة الدراسية الأخيرة: "الهندسة الكهربائية مثل أخواتها"، ولِمَ لا فقد وجدن فرص عمل بصورة سريعة وسوف تجد من يساعدها لو تعثرت في مادة أو مادتين. تقول: "أنا أنظر للوظيفة والفرص المتاحة لأنني ليست لي هواية أو ميل محدد".

    أخذت الأم التي تستضيف صديقات ابنتها الأربع تنظر إلى أعين الباقيات، فهي تخشى أن يجرح الكلام عن التخصص المستقبلي شعورهن، فلم يوفقن في عملية اختيار الجامعة أو التخصص حتى الآن، ولكنها حاولت أن تتدخل لتخفيف الألم قائلة: "لكن الوقت ما زال طويلاً لاختيار التخصص والجامعة، من قال أنه من الضروري أو الإلزامي أن تلتحق البنات بالجامعة بعد الثانوية العامة مباشرة، فمن الممكن أخذ قسط من الراحة للتفكير وتحديد المصير وتنمية المهارات وتعلم أمور كانت بحاجة إلى الوقت لتعلمها والتدرب عليها".

    ظروف مادية عثرة
    ولكن الأمر بالنسبة لفرح اللبنانية لم يكن سهلا لأن مطلبها بأن تدخل الجامعة قوبل بالرفض من قبل الأب، لظروفه المادية المتعثرة، ولأن الجامعة الوطنية الوحيدة في بلد الغربة قد رفعت من مصروفاتها حتى صار من الصعب أن تلتحق بها، إضافة إلى تجربة أختها السابقة التي قوبل طلبها لدخول الجامعة أيضا بالرفض، وما لبثت أن تزوجت بعد المرحلة الثانوية، وبالرغم من ذلك بدت فرح متفائلة وعازمة على البحث عن طرق جديدة. تقول: "سوف أبحث عن منحة جامعية هنا أو هناك في أي بلد وفي أي تخصص، فلن أترك أحداً يحدد مصيري. أنا أعرف ما أريد، وأريد أن أكون مستقلة أستطيع أن أعمل عملاً محترماً أدر به دخلا يجعلني مستقله عن شريك حياتي، حتى لو صار لي أبناء في سني يمكنني أن أساندهم ولا أكون ضعيفة كسيرة مثل أمي".

    حبيبة لم تكن تحتاج لمثل هذه النبرة للتعبير عن نفسها، فأمها تدعمها في قرارها بأن ترتاح ولو فترة من الزمن بعد تعب الثانوية العامة لتعلم اللغة الألمانية، ومن ثم تفتح لها أبواب الجامعات الألمانية التي أصبحت مجانية للطلبة الأجانب، هي فترة ليست للعب والتراخي ولكن لتعلم اللغات وتحديد المصير وتنمية العديد من المهارات الحياتية المطلوبة، مثل التواصل الاجتماعي الذي تفتقر إليه والتفاعل مع العالم الخارجي..

    في نهاية الاحتفال كانت الفتيات جميعاً متفقات على أن هذا اليوم كان يعد البداية الحقيقية لمرحلة جديدة في حياتهن هن الخمس.


    نشرت هذه المادة على صفحة تربية و تعليم بشبكة العربي الجديد بتاريخ 30 يوليو 2015                

    Comments